السبت 10 مايو 2025 12:39 صـ 12 ذو القعدة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

وسط جدل علمي واسع

هل زارنا الزوار من خارج الأرض؟ الكونغرس المكسيكي يعرض فيديو لـ ”جثث كائنات فضائية”

الجمعة 9 مايو 2025 07:28 مـ 12 ذو القعدة 1446 هـ
كائنات فضائية
كائنات فضائية

عرض مثير في قاعة البرلمان .. في مشهد أثار جدلًا عالميًا وعلميًا، شهد الكونغرس المكسيكي جلسة استماع علنية غير مسبوقة، حيث تم عرض صندوقين زجاجيين يحتويان على ما قيل إنها جثث لكائنات فضائية صغيرة، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإثبات وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض. وتحوّلت القاعة التشريعية في العاصمة مكسيكو إلى مسرح علمي وإعلامي، وسط ذهول البعض، وشكوك الكثيرين.

العرض كان بقيادة الصحفي والباحث المكسيكي المعروف جيمي ماوسان، الذي ادّعى أن هذه "الجثث" اكتُشفت في بيرو عام 2017 داخل مناجم دياتوم قديمة، وقال إنها غير بشرية، وتعود إلى فترات زمنية تتراوح بين 700 و1800 سنة وفقًا لاختبارات التأريخ بالكربون-14 التي أُجريت في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (UNAM).

تحليل علمي... ولكن بشكوك محيطة

بحسب ماوسان، فإن اختبارات الحمض النووي التي أجريت على العينات أظهرت أن نحو 30% من مادتها الجينية غير معروف المصدر، ما دفعه إلى القول بأنها "لا تنتمي إلى التطور الأرضي المعروف"، مضيفًا أن هذه الكائنات قد تكون كائنات ذكية من خارج كوكب الأرض، أو على الأقل تنتمي إلى نوع لم يتم توثيقه سابقًا.

لكن هذا الطرح واجه موجة كبيرة من التشكيك، لا سيما أن ماوسان له سوابق في تقديم مزاعم مشابهة تم دحضها لاحقًا من قبل المجتمع العلمي. ففي عام 2015، زعم امتلاك أدلة على كائنات غير بشرية في بيرو أيضًا، لكن اتضح فيما بعد أنها بقايا بشرية محنطة تعود لأطفال من حضارات قديمة.

معطيات جديدة: مبايض ومعادن نادرة داخل الجثث

في الجلسة البرلمانية، تم عرض صور أشعة X لما يُفترض أنها الجثث المعروضة. وبحسب الشهادات المقدمة تحت القسم من "خبراء"، فإن إحدى العينات كانت تحتوي على ما يشبه المبايض أو البيوض، فيما بدا أن الأخرى تحتوي على قطع معدنية دقيقة مصنوعة من عناصر نادرة مثل الأوزميوم.

ماوسان قال إن الاكتشاف لا يتطلب تصديق الناس، بل يستدعي فتح باب التحقيق العلمي الجاد، وأضاف: "لسنا وحدنا في هذا الكون، ويجب على الحكومات والمجتمعات العلمية التعامل مع هذا الملف بمزيد من الشفافية والجدية".

الرد الأكاديمي: انتقادات وتحفظات علمية

رغم الإثارة الإعلامية الكبيرة، فإن الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك أصدرت توضيحًا لاحقًا أكدت فيه أنها لم تصدّق على كون العينات "غير بشرية"، وأن ما تم تقديمه هو مجرد تحليل تأريخي لا يتضمن أي تصنيف بيولوجي أو تشريحي.

أحد الباحثين في الجامعة أوضح لوسائل إعلام محلية أن نتائج الكربون-14 لا تُعد كافية لإثبات الأصل غير البشري لأي بقايا، كما أن تحليل الحمض النووي بحاجة إلى مراجعة معمقة للتأكد من صحة العينة، ومدى نقائها، وطريقة العزل والتحليل.

ردود فعل متباينة من المجتمع العلمي

المجتمع العلمي حول العالم انقسم بين مؤيد لفتح باب البحث بشكل أكثر شفافية، ورافض لما اعتبره استغلالًا إعلاميًا للأبحاث البيولوجية دون أساس علمي متين. بعض العلماء دعوا إلى إخضاع الجثث لتحليل مستقل من قبل مختبرات محايدة، باستخدام تقنيات متقدمة تشمل المسح الثلاثي الأبعاد، وتحليل الميتوكوندريا، ودراسة العناصر المعدنية المضمّنة داخل الأجسام.

وفي مقابل ذلك، اعتبر علماء آخرون أن العرض برمّته لا يتعدى كونه "خدعة علمية" أو استعراضًا إعلاميًا مكررًا لخلق الإثارة، مستشهدين بمزاعم سابقة لماوسان تم دحضها كليًا.

الشق القانوني والسياسي: خطوة نحو الشفافية أم عبث برلماني؟

اللافت أن الجلسة عُقدت برعاية بعض النواب المكسيكيين، الذين أكدوا أنها تأتي ضمن جهود البرلمان للانفتاح على ملف "الظواهر الجوية المجهولة" (UAPs) والتي تشهد اهتمامًا متزايدًا في الولايات المتحدة ودول أخرى. وصرّح أحد النواب بأن الهدف من الجلسة هو خلق إطار قانوني لتنظيم دراسة هذه الظواهر بما يضمن الشفافية والتعاون الدولي.

لكن منتقدين للجلسة اعتبروا أن عرض جثث "غير مؤكدة" دون دعم علمي قاطع هو خطوة متهورة قد تضر بمصداقية المؤسسات العلمية والتشريعية في المكسيك.

السياق الأوسع: بين الهوس الشعبي والفضول العلمي

الحدث يأتي في ظل تصاعد الاهتمام العالمي بملف الكائنات الفضائية، خاصة بعد اعتراف وزارة الدفاع الأمريكية بوجود مقاطع فيديو توثق ظواهر جوية غير مفسرة، كما ناقش الكونغرس الأمريكي مؤخرًا شهادات لضباط استخبارات سابقين زعموا أنهم شاهدوا "مركبات غير بشرية".

ويبدو أن ماوسان يحاول ركوب هذه الموجة، لكن الفارق الجوهري يبقى في منهجية العرض وطبيعة الأدلة المقدمة، فبينما تتحرك المؤسسات الأمريكية بمنهج تحفظي وتحت إشراف علمي دقيق، يقدم ماوسان عروضًا مصورة لجثث لم تخضع بعد لفحص مستقل من جهات موثوقة.

بين الإثبات والخيال العلمي

ما حدث في قاعة البرلمان المكسيكي لا يمكن تجاهله، لكنه في ذات الوقت لا يمكن اعتباره "دليلًا قاطعًا" على وجود كائنات فضائية. فالعرض، رغم كل ما أثاره من فضول، يبقى في إطار الفرضيات غير المثبتة علميًا. وبدلًا من بناء نظريات كونية على أساس جثث زجاجية، يبدو أن الحل هو إخضاع هذه العينات لتحليل شفاف في مختبرات مستقلة، بتمويل حكومي، وتحت إشراف جهات علمية محايدة.

حتى ذلك الحين، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نشاهد فعلاً آثار زوار من عوالم أخرى، أم أننا نعيد تدوير خيالنا العلمي في عبوات زجاجية محكمة الإغلاق؟

كائنات فضائية، جيمي ماوسان، جثث فضائية، الكونغرس المكسيكي، الحياة خارج الأرض، اكتشافات في بيرو، مناجم الدياتوم، اختبار الكربون-14، الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، DNA غير معروف، أشعة X للكائنات، معادن نادرة، بيض الكائنات الفضائية، نظريات المؤامرة، تحليل الحمض النووي، ظواهر جوية مجهولة، كائنات غير بشرية، مزاعم الحياة الفضائية، الشفافية العلمية، البرلمان المكسيكي.