الأحد 11 مايو 2025 11:30 مـ 14 ذو القعدة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

اعترافات مشعوذ سابق

الأحد 11 مايو 2025 09:09 صـ 14 ذو القعدة 1446 هـ

من القصص التي عشتها ولا أنساها أبدا ما حييت أنني عندما كنت أدرس في الصف السادس الابتدائي عدت ذات مرة إلى بيتنا فرأيت حركة غريبة وسيارة فارهة تقف بجوار البيت فتعجبت، وعندما وصلت البيت قادتني أمي إلى غرفة داخلية قائلة:

_ هذا الشيخ أحمد المبارك جاء من بلاد بعيدة إليك لكي تكشف له عمن سرق نقوده وذهب زوجته.

أجبتها بدهشة:

_ أنا ؟????

_ أيوه أنت.

_ وهذه المرأة والأطفال؟

_ هذه زوجته وهؤلاء أطفاله.

ثم ألبستني الثوب الأبيض والغترة البيضاء "عدة الشغل".

أما لماذا جاء هذا الشيخ إلي فهي قصة غريبة سأرويها لكم:

عندما كنت في الثانية عشرة من عمري سرت شائعة في قريتنا والقرى المجاورة بأنني قد كشف عني الحجاب، ورزقت معرفة الأسرار، باختصار كنت بنظرهم من أولياء الله الصالحين الذين ينظرون بنور الله ويعلمون الغيب أيضا.!????

ولأنه لا دخان من غير نار فقد كنت أقرأ كل كتاب أراه، ومن ضمن ما قرأته كتاب " أبو معشر الفلكي "، وتعلمت من الكتاب معرفة الأبراج وقراءة الكف والطالع، وحساب الغالب والمغلوب، وبدأت أخبر أقاربي بأبراجهم وأقرأ لهم الكف، وأكتب الأحجبة والتمائم للأطفال، كنت أعبث وأتسلى لكنني فوجئت بأنهم يصدقون ما أقول فأعجبني الأمر.????

أتفرس في أكفهم ثم أضحك عليهم بالطريقة التي تعجبهم، ولأني أعرفهم جيدا فقد كنت أخبرهم عما يحبون سماعه، وأستمع إليهم يتحدثون عن أنفسهم.

دخلت عليهم في المكان فوجدته ممتلئ على آخره، الشيخ ومرافقيه وأقاربي والجيران، لقد جاء الشيخ بالذبائح والهدايا وحزم القات فتجمع الناس.

نظر إلي الشيخ مستغربا وقال:

_ هو هذا الولي اللي معه السر ؟! ????

صاحوا بصوت واحد:

_ هذا الولي بكله.

قال عمي للشيخ:

_ أنت مالك الا قضاة حاجتك وعلى ضمانتي.

بعد الغداء تركتهم ودخلت، جاءت إلي زوجة الشيخ، أرادت أن تقبل يدي فمنعتها.

ثم بدأت تحدثني عن زوجها الذي يهددها دوما بأنه سيتزوج، قالت:

_ أحرق قلبي وأمرضني، ما فيش على لسانه إلا: سأتزوج سأتزوج وأجيب لك طبينة.

قاطعتها:

_ علشان كذا أخذتي الذهب والنقود من الخزنة.

دهشت لسماعي ألقي إليها بالحقيقة فأعترفت:

_ أيوه خبيت الذهب والفلوس لوما يتأدب.

ألقيت بحكمي النافذ:

_ سنقطع رغبته في الزواج وأنت تعيدين الأشياء إلى مكانها خلال أسبوع.

تركتها وعدت إلى المجلس، نظروا إلي بانتظار ما سأقول:

_ فلوسك وذهب زوجتك يا شيخ بالحفظ والصون، وسيعود كل شيء إلى مكانه خلال أسبوع.

كبر الجميع وحمدوا الله. فقلت:

_ وباقي لي كلمتين مع الشيخ.

قام الشيخ من مجلسه وخرجنا نتمشى ثم صعدنا الأكمة التي بجوار بيتنا.

قلت له:

_ في واحدة بنفسك وتفكر تتزوجها.

_ أيوه صح واحدة مدبدبة.

_ لا داعي للمدبدبة والمربربة ????

_ لماذا ؟ هل هي نحس؟

_ النحس كله.

_ أعوذ بالله. خلاص أبوها مادام ستدبرنا

_ المهم أترك الكلام حول الزواج وأمورك سابرة.

بعد تلك الزيارة أدرك الناس في قريتنا والقرى المجاورة أن وليا من الصالحين قد ظهر بينهم يأتيه الناس من أماكن بعيدة، ولذا زادت جموع البنات اللواتي يأتين إلي وفي أذهانهن سؤال واحد:

_ هل سيتزوجن أم لا ؟!

لكنني كنت قررت أن أترك الكذب على الناس وأعود ألعب الكرة مع الأولاد فأمي منذ بدأت شهرتي كولي حرمتني من الذهاب للعب وصاحت في:

_ ما فيش ولي يلعب مع الجهال????

أسابيع وأنا أعيش صراعا كبيرا في نفسي:

_ هل أمضي في هذا الطريق المغري، لقد ملأت جيبي بالنقود، بيتنا تحول إلى مزرعة دجاج وقوارير العسل والسمن في كل مكان، كل يوم ذبائح وزوار والمزيد من الكذب.

ثم قررت أن أتوب وأتخلى عن الكذب على الناس، لن أقرأ الكف لأي فتاة ولو أحرجتني أمي.

لكن كيف سأصنع أمام هذه الطوابير التي تأتي من كل حدب وصوب؟!

بعض البنات تأتي محملة بالدجاج والبيض والسمن والعسل والنقود وتقبل رأس أمي وتظل تترجاها بأن تحرجني أقرأ لها الكف وأخبرها:

_ هل ستتزوج وتستريح من العمل في بيت أهلها ومتى؟

تأتي أمي وتخبرني:

_ فلانة جاءت من منطقة كذا وهي بعيدة جدا ... أقاطعها :

_ يا أمي هذا كذب وأنا لن أكذب على أحد.

تصر أمي:

_ يا ابني ماذا سيضرك لو فرحتها وقلت لها: إنها ستتزوج؟!

ـ خلاص قولي لها: إنها ستتزوج وتعيش في سعادة وهناء، وتخلف أولاد وبنات، وستذهب للحج والعمرة، وسيكون لها رزق من المواشي ووو أكذبي عليها أنتي.

وأضيف:

_ يعني أنتي تستلمي السمن والدجاج والبيض وأنا أكذب؟!????

تضحك أمي وتؤكد:

_ هي تريد أن تسمع الكلام منك أنت.

_ أدخليها وسأخبرها.

بعدها اضطررت لنشر شائعة جديدة وهي أنني إذا قرأت الكف لأحد وأخبرته بالسر وما سيحدث له في المستقبل أمرض بشدة.

وهكذا أحتفظت بصفة الولي لكن مع إيقاف التنفيذ.!

لكن فرحتي ظلت ناقصة فحين ذهبت للعب الكرة مع الأولاد كلهم أرادوا أن يلعبوا معي وخافوا أن يلعبوا ضدي، فمن هو الذي سيبيع عمره ويلعب ضد الولي؟!

حاولت أقنعهم أنني بشر لكنهم أصروا على ولايتي فعدت مكرها إلى صفوف الجماهير من المتفرجين.????

في آخر العام الدراسي سمعت الذي صدمني صدمة العمر، كنت أمر بجوار غرفة الأساتذة فسمعت المدرس المصري فتحي الدسوقي يقول:

_ محمد مصطفى بليد جدا بالرياضيات لكني نجحته أحسن لو سقطته يسخطني قرد والا كلب.!

????????????????????

*قصة قصيرة