اصطياد الجواسيس الرقميين.. تركيا تحبط أخطر عملية اختراق سيبراني

لم يتخيل المواطنون الأتراك أن الرسائل النصية البسيطة التي تطالبهم بسداد فواتير مزعومة تخفي وراءها شبكة تجسس معقدة، تدار من خلف الشاشات وتتحكم بإشارات هواتفهم من خلال أجهزة متنكرة في زي شبكات اتصالات معروفة. خيوط اللعبة بدأت بالتكشف حين ارتفعت الشكاوى، لتبدأ واحدة من أعقد عمليات الاستخبارات التركية، والتي انتهت بالإطاحة بجواسيس رقميين يقودهم شبح يُلقب بـ"باترون".
عملية سيبرانية محكمة بتوقيع الاستخبارات التركية
أعلنت وكالة الاستخبارات الوطنية التركية (MİT) رسميًا عن نجاحها في تفكيك شبكة تجسس إلكترونية خطيرة استخدمت تقنيات خادعة لاختراق بيانات آلاف المواطنين الأتراك. العملية التي وُصفت بالنوعية جرت بالتنسيق مع النيابة العامة ومديرية أمن إسطنبول، وأسفرت عن اعتقال سبعة عناصر أجانب تورطوا في استخدام محطات قاعدة وهمية لبث رسائل مزيفة تُنسب لشركات اتصالات محلية.
رسائل احتيالية ومعدات صينية تُستخدم في إسطنبول
وبحسب التحقيقات، بدأت القصة بشكاوى من مواطنين تلقوا رسائل نصية تطلب منهم دفع مبالغ مالية دون مبرر. وبعد تتبع مصدر هذه الرسائل، تبيّن أن الشبكة كانت تستخدم أجهزة صينية الصنع تبث إشارات زائفة تمكّنها من خداع الهواتف المحمولة وتوجيه رسائل احتيالية للضحايا، بهدف سرقة معلوماتهم الشخصية والمالية.
شبكة عابرة للمدن يقودها "باترون" الغامض
أفراد الشبكة توزعوا على أربع مدن تركية هي إسطنبول، إزمير، بورصة ويالوفا، وكانوا يتلقون تعليماتهم من شخصية مجهولة تُعرف باسم "باترون". الأدهى أن البيانات المسروقة كانت تُحوّل مباشرة إلى خوادم في الصين، حيث كانت تُستغل في تنفيذ هجمات تصيد معقدة استهدفت بطاقات ائتمان وتطبيقات إلكترونية لمواطنين أتراك.
القبض على المزود الصيني ومداهمات ميدانية دقيقة
المداهمات الأمنية تمت في توقيت متزامن، وضبط خلالها المتهمون السبعة داخل سيارات مستأجرة، كما تم توقيف مواطن صيني يُشتبه في كونه المورّد الرئيسي للتجهيزات التقنية المستخدمة في العملية. هذه العملية كشفت عن مستوى عالٍ من التنسيق والاحترافية لدى الأجهزة الأمنية التركية.
تحذيرات من حرب سيبرانية لا تعرف الحدود
حذر خبراء في الأمن السيبراني من تكرار مثل هذه الهجمات التي تمزج بين التكنولوجيا المتقدمة والتكتيك الميداني، مؤكدين أن هذا النوع من الجرائم يتجاوز الحدود الجغرافية ويستهدف بنية المجتمعات الرقمية. وشددوا على ضرورة رفع الوعي المجتمعي وتحديث الأنظمة الأمنية الرقمية لمواجهة التهديدات القادمة.